الرابط : فولكلور
بقلم : صالح صلاح شبانة
---
الزمان : في يوم من الأيام .
المكان : في المتحف الشعبي .
المناسبة : الحنين إلى الماضي ، إلى الحياة بلا زيف أو رتوش .
الإهداء : إلى أمهاتنا ، أخر الباقي ، وعندما بعد عمر طويل يذهبن ، نُحال جميعا إلى المتحف الشعبي
فنحن لا نحب الأصالة ، ونهوى تقطيع الجذور ، ونموت عشقا بالتقليد .
---
في يوم من الأيام ،
بعد ما شبعنا وحسينا بالترف والتخمة ،
وصرنا نتمرمغ في النعمه ، وصارت الحياه أماني وأحلام ،
وقالوا الدنيا تطوَّرَت كثير ،وصارت الحياه كمبيوتر ، كل إشي فيها أرقام .
رُحِت عَ المتحف الشعبي ، أطفي شوق شعلب في قلبي ،
أدَوِّر عَ حالي ، تحط إيدي عَ أوجاعي ،
بلكي الدوا في غبّرَة الماضي ،
يا ما لاقوا الذهب ، في الوحل والسخام .
وقفت قدام صوره ، مزينه بالعز والافتخار ،
صبيه فلاَّحه بثوب مطرز ،
عَ راسها قذله مدندشه بريالات ، نازله تعبي ميه ،
حامله عَ راسها جرّة فخار،
وقفت قدامها زمن ،
طويل ؟ ..قصير ؟ .. ، ما بعرف كيف لف ودار !!
ظليت أستنى تحاكيني ،
بكلمه ... ، بحرف... ، بهمسه... ،
تعبت وأنا استنى ، ونسيت إنها اللي قدامي ،
شقفة حجر ملبسه بثوب مطرز ، وجرة فخار ،
صنم واقف ، ما فيه حياه ، كأنه بقول :
أنا الماضي ، أنا الزمن الغابر ، أنا تراب وحّجار .
*****
يا حامله الجرّه شفتك في المتحف الشعبي ،
مثل القمره ، محبوسه مثل الكنار ،
آخ يا قلب من ها لدنيا ، ضاقت عليك هلقدِ !!
وصرت شقفة آثار !!
وصرت لمّا أشتاق أشوفك ،
أدفع بريزه ، واندحش بين الزوّار ،
زغرتي يمه !!!
صرنا ندفع مصاري ، ونتفرَّج عً الفخار !!
عَ صبيه مثل القمر ، صارت حلم بعيد ،
حلم بيناتنا وبينه فيلفي وقفار ،
قلب بحن لمّبَارح ،
شوق بهب فيه ، لهب ، جمر ونار ،
ساق الله يا يمه لما بقى زمان وبقينا زغار ،
ساق الله عَ أيام الخبيزه والزعتر ،
وفتة عدس ، وصحن رصيص وبصل قنّار ،
وحلم مثل الضوّ يحيي جوّاتنا أمل ،
وميجنا وعتابا وسحجة سُّمّار ،
وشربة ميه مثل البوزه من إبريق الفخَّار ،
ومثاغاة الغنم مرّوحه من المرعى
والمرياع ملزق بالحمار .
ساق الله يا يمه قبل ما صرنا أفنديه ،
وصار كل إشي يجينا في المواسير ،
وبكبسة زر بنظوي الدار ،
ساق الله يوم بقينا نزرع ونقلع ،
والشلن بقى أبرك من الدينار .
بقت الدنيا دنيا ، والناس ناس ،
والحب مثل لهبة النار .
صار الحب مصالح ، وصار السلام مصالح ،
وبطل الجار يعرف الجار ،
يا أسفي عَ الدنيا يا صبيه ،
يا واقفه في المتحف ، حاطّه عَ راسك جرّة فخار ،
دنيا صار الإنسان رخيص ، صار العرض ما بيسوى
وصار متخلف ورجعي اللي بعرف العيب وبغار ،
صارت الحياه قرش ، معك قرش بتسوى قرش ،
ما معك روح إندّار .
*****
يا حامله الجره شفتك في المتحف الشعبي ،
مثل القمره محبوسه مثل الكنار ،
سمعت صوت بقطم بلحمي ، بحز عظمي بمنشار ،
اشتقت أشوفك برّات المتحف ،
إشتقت أشوفك عَ طريق العين ،بتتمايلي مثل عود الند ،
كلك دلال ورقه ، كلك حلاوه وبساطه ،
مثل ورق الدفتر لِبْيَض ، ما فيك عُقَد ولا أسرار،
شوفة وجهك بتبعث الأمل بقلب كبر الحزن فيه ،
بحلم بشمة ريحانه ، بشوفة حنّونه ،
عَ وجه الأرض ، مثل دم الزغلول ،
بلعب الهوا فيها ، مرّه يمين بتميل ، ومرّه يسار ،
بقلب يحلم مرَه يضحك ، بفرح مثل النبع يفيض فيه ،
يحس الفرح ولو مرّه ، من غير مجامله ،
بس الفرح !!!! يا كشل عَ الفرح !!!
صار مثل الذهب وزن وعيار ،
وبطل يتلاقى في السوق ،
الظاهر صاروا يخبوه التجار ،
ليوم يموت الفرح ، ويشيعوه بطبله ومزمار .
******
يا حامله الجره مثل تاج الذهب ، وصارت الجره عجبة الزمان ،
وكان يا ما كان ، في غابر الدهر والزمان ،
بنيه مثل القمر ، مثل الشمعدان ،
بقت تمشور عَ طريق العين ، تعبي ميه ، تشرح القلب ،
بالثوب لمطرز ، بالأساور والتراكي والكردان ،
والقذله ونيرات العثملي ، ذهب وفضه ، مثل صف العسكر ،
مصفوفه عَ راسها من هان وهان .
بقت تقول للقمر : يا قمر ، انزل تقعد مطرحك ،
صير إنت أنا ، وأنا قمر الزمان ، خلي العشاق يحلفوا فيَّ ،
آخ .... واه... يا بيّاخ !!!
أسفي عً أيامك يا بنيه اللي راحت ، وقلعوا شروشك ،
مثل الزيتونه الروميه اللي بقت مزروعه باب الدار ،
وحطوك في المتحف الشعبي ، يتفرّجوا عليك الزوار ،
يدفعوا بريزه ممسوحه ،
تيعيشوا لحظه مع الحب ، مع الزمن اللي مضى
مع العمر اللي انفنى ، يوم بقى عنا صبايا ،
يوردن عَ العين يملين ميه ، حاملات جرار الفخار